ايجابيات وسلبيات التعليم عن بعد
التعليم عن بعد ليس حديث العصر الحالي فقط ولكن كانت نشأته أكثر مما يزيد عن قرن من الزمان. حيث تمثلت عبارات عن التعليم عن بعد قديما في شكل التعليم بالمراسلة لتقديم الخدمة التعليمية للأشخاص المحرومين من التعليم, والغير القادرين على الحصول عليه إما لظروفهم المادية أو الجسدية وكذلك بعدهم الجغرافي أو وضعهم الإجتماعي أو أسباب أخرى تحول بينهم وبين التعليم. وكذلك من بين العبارات و المسميات التي تطلق عليه التعليم المفتوح والتعليم الإلكتروني . سنتعرف من خلال هذا المقال على ايجابيات وسلبيات التعليم عن بعد، لكن قبل ذلك دعونا نتعرف على معناه وأهميته وأهدافه و مشاكله.
ما هو التعليم عن بعد ؟
يعرف رونترى التعليم عن بعد بأنه التعليم الذي يحدث عندما تكون هناك مسافة بين المتعلم والمعلم. ويتم عادة بمساعدة مواد تعليمية يتم إعدادها مسبقا, ويكون المتعلمون منفصلين عن معليمهم في الزمان والمكان أو كليهما .
ويعرفه آخرون بأنه نظام تعليمي لايخضع لإشراف مباشر ومستمر من قبل المعلم. أي أن انفصال المعلم عن المتعلم شبه دائم مع إيجاد تواصل ثنائي متبادل وحوار بينهما عبر وسائط متعددة بما فيها الكلمة المطبوعة، والوسائط التعليمية المسموعة والمرئية.
كما يعرف أيضا علماء التربية التعليم عن بعد بأنه نظام تعليمي، يجعل عمليات التعلم حسب إرادة ورغبة الفرد الذي يقرر ماذا و كيف ومتى يدرس. وعادة ما يكون مصحوباً ببعض أشكال الإرشاد والتوجيه.
ويمكن اجمال مفهوم التعليم عن بعد بأنه عملیّة نقل المعرفة إلى المتعلّم في موقع إقامته أو عمله، بدلًا من انتقال المتعلّم إلى المؤسّسة التعلیمیّة. وھو مبنيّ على أساس إیصال المعرفة والمھارات والمواد التعلیمیة إلى المتعلّم عبر وسائط وأسالیب تقنیّة مختلفة. حیث یكون المتعلّم بعیدًا أو منفصلًا عن المعلّم أو القائم على العملیّة التعلیمیّة. ويتم استخدام التكنولوجیا من أجل ملء الفجوة بین كلٍّ من الطرفین بما یحاكي الاتّصال الذي یحدث وجھًا لوجه.
أهمية التعليم عن بعد
تتجلى أهمية التعليم عن بعد في أدواره الكثيرة التي يلعبها, والتي لا يمكن إغفالها في شتى صور التنمية وخاصة الثقافية. حيث أجمع الباحثون المتخصصون على أن فوائد التعليم عن بعد متعددة وكثيرة, و من خلالها تبرز أهمية التعليم عن بعد ومزاياه. وهي تتمثل فيما يلي:
- أن من خلاله يمكن تقديم برامج ثقافية لمعظم شرائح المجتمع
- يعمل على توفير الفرص التعليمية لكل راغب فيه, بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الظروف المعيشية
- يحقق رغبة الدارسين وحصولهم على درجات علمية متعددة
- يسهم التعليم عن بعد في تثقيف المجتمع وخاصة في تناوله للموضوعات التي تخدم فئات المجتمع المختلفة
- يعمل على حدوث التغيرات الاجتماعية المرغوبة , فالتعليم هو الوسيلة الفاعلة لتطوير المفاهيم الاجتماعية , وتخليصها من الشوائب التي علقت بها
- يحقق درجة من التوازن والمداومة بين مطالب المجتمع المتغيرة والحاجات التعليمية المتنوعة. ولهذا يعتبر أنسب البدائل للتعليم المستمر وتعليم الكبار والذي يقدم لمن يسعى إلى تنمية المعارف
- یتیح التعلم وَفقَ الظروف التعلیمیة الملائمة والمناسبة لحاجات وظروف وأوقات المتعلمین وتحقیق استمرارية عملیة التعلم.
- أثبتت البحوث التي أجريت على ھذا النِظام أنّه ذو تأثیر یوازي أو یفوق نِظام التعلیم التقلیديّ، وخصوصًا عند استخدام تقنیات التعلیم عن بُعد والوسائط المتعدّدة بكفاءة، وانعكاس ھذه الایجابیّة على المحتوى التعلیميّ.
- يساعد في تقدیم المناھج للمتعلمین بطرق مبتكرة وتفاعلیة.
- يسهم في تنظیم موضوعات المنھج وأسالیب التقویم حسب قدرات المتعلمین.
- یتمیز ھذا النوع من التعلیم بأنّه لا یُكلّف مبالغ كبیرة من المال.
أهداف التعليم عن بعد
لما كان للتعليم عن بعد أهمية جلية وواضحة , كان له من الأهداف السامية التي يسعى إليها دور كبير في استمراريته. خاصة وأنه نظام تعليمي يهدف إلى زيادة مردودية الثقافة التعليمية لمجتمع ما بشكل خاص, وفي كل المجتمعات بشكل عام. ومن هذه الأهداف التي يُطمح إليها في التعليم عن بعد مايلي:
- تقديم الخدمات التعليمية لمن فاتتهم فرص التعليم في كافة مراحل التعليم .
- إيجاد الظروف التعليمية الملائمة والتي تناسب حاجات الدارسين للاستمرار في التعليم التربية المستديمة
- تقديم البرامج الثقافية لكافة المواطنين وتوعيتهم وتزويدهم بالمعرفة
- مسايرة التطورات المعرفية والتكنولوجية المستمرة
- توسيع فرص التعليم الجامعي للمزيد من الدارسين الراغبين في الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي والاستجابة للطلب الاجتماعي المتزايد على هذا النمط من التعليم
- توفير فرص التعليم والتدريب والنمو المهني المستمر للموظفين والعمال وهم على رأس العمل لمساعدتهم على أداء واجباتهم ومسؤولياتهم وأدوارهم الوظيفية
- إتاحة الفرصة للشباب والكبار من المسنين وربات البيوت لاستثمار أوقات فراغهم في تثقيف واكتساب العادات والمهارات التي تعود عليهم بالنفع دِينا ودُنيا
- الإسهام في تعليم المرأة وتشجيعها على ذلك
ومن بين طيات هذه الأهداف, هناك أهداف أخرى يسعى إليها التعليم عن بعد من تحقيق المساواة ومحاولة تحقيق التوازن المعرفي بين فئات المجتمع ككل بغض النظر عن المستوى الاجتماعي والاقتصادي أو الدين أوالعرق. وإن لم يتسع المقام إلى ذكرها جميعا, لذلك اقتصرنا على ما ذكر سلفا كنظرة شاملة وإن كانت جزء من كل .
مشاكل التعليم عن بعد
مما لا شك فيه أن هناك دولا, خاصة الدول المتقدمة والكبرى التي كانت تعتمد النظام المدمج في التعليم. أي تدمج بين التعليم المباشر التقليدي والتعليم عن بعد. ولها من التجربة والخبرة ما يؤهلها في هذا المجال. إلا أنه لا يخفى على الكثير من الدول المتوسطة وغيرها اتجهت نحو التعليم عن بعد قسرا. خاصة في فترة تعليق الدراسة بسبب جائحة كورونا. فمن هنا واجه العديد من المعلمين والقيمين على العملية التربوية عدة مشاكل وتحديات في التعليم عن بعد, والتي فرضها الواقع التقني والإمكانات المتاحة في كل بلد.
ومن أبرز مشاكل وتحديات التعليم عن بعد هي :
- عدم الاستعداد الفعليّ للمعلمین لھذه المرحلة الانتقالیّة المفاجئة. إذ إنّ نسبة كبيرة من المعلمین لم تكن لدیھا الوسائل اللازمة التي تمكنھا من دعم التعلیم عن بعد. وبعض المعلّمین لا يملك خبرة كافية في الجانب التقني التي تسمح بإدارة عملیّة التعلّم عن بعد وتنفیذھا على أكمل وجه، أو في صناعة المحتوى التعلیميّ الملائم.
- عدم استعداد المتعلّمین وأولياء الأمور لمبدأ التعلّم عن بعد، ومن ثّمَ رفضه لدى بعضھم وعدم تقبّله.
- اضطرابات ناتجة عن التفاوتات الموجودة بالفعل في النظم التعلیمیة والتي تؤثر بشكل رئيسي على المتعلمین وأولیاء الأمور على حدّ سواء. من الذین ینتمون للأسر ذات الدخل الضعيف والمتوسط ومحدودة الإمكانيات.
- عدم قدرة المتعلّمین في التعليم المھنيّ والتقنيّ على التعلّم في فصول صفوف افتراضية في بعض التخصصّات التي تتطلّب أعمالاً تطبيقية وتدريبات وتقییمات مباشرة في ورش العمل، یلزمھا استخدام الأدوات والمواد والمعدّات اللازمة كالرعایة الصحیّة مثلا.
- شحّ في الموارد الرقمیّة والتطبیقات التعلیمیّة التي تتوجه للمتعلّمین من ذوي الاحتیاجات الخاصّة والصعوبات التعلّمیّة.
- التحدّیات التقنیّة في البنية التحتیّة وضعف شبكات الاتّصال، وعدم توافر امتلاك التقنیّة التي تمكّن جمیع شرائح المجتمع من الوصول إلى المعلومات.
- الضغط المتزامن على شبكات الإنترنت من عدد كبیر جدًّا من المعلّمین والمتعلّمین على حد سواء، ومشكلة الوصول للفصول الصفوف الافتراضیّة.
إيجابيات التعليم عن بعد
يسعى التعليم عن بعد إلى تحقيق أهداف تعليمية متعددة. أهمها إتاحة فرصة التعليم الجامعي للبالغين الذين فاتتهم فرصة التعليم المباشرالتقليدي في الجامعات وغيرها من الأهداف التي تم افرادها في محور تطرقنا إليه في هذا المقال مسبقا. حيث أننا سنحاول في هذا المحور ذكر أما مميزات التعليم عن بعد ومزاياه التي اختص بها, من بينها:
- قدرته على إيصال التعليم إلى كل المتعلمين , بعض النظر عن المكان والزمان
- اعتماده على أكثر من وسيلة في نقله للمعلومات للمتعلمين. حيث تتعد وسائله ومصادره بدلا من الاعتماد على مصدر واحد كما هو الحال في التعليم التقليدي
- يعتبر التعليم عن بعد طريقة جديدة في التعليم تعتمد على أساليب مغايرة لا تستخدم في نظم التعليم التقليدي
- يتميز بمرونته مقارنة بالتعليم التقليدي .
- يلبي الاحتياجات الاجتماعية والمهنية للدارسين.
- يوظف تكنولوجيا المعلومات في الاتصالات توظيفا عمليا.
- يلبي ميول واهتمامات واحتياجات النمو للطالب الدارت.
- تقل تكلفة الدورات في التعلم عن بعد بالمقارنة بنظيره في التعليم التقليدي.
- يستجيب الى عدد من مبادئ التعليم الإنساني الحديثة مثل توفر الدافعية للتعلم وارتباط التعلم بحاجات الأفراد المهنية والاجتماعية والشخصية.
- يحدد البرامج الدراسية للطلبة اعتمادا على احتياجاتهم ويوظف طرقا وأساليب تتصف بالمرونة تراعي احتياجاتهم وقدراتهم.
سلبيات التعليم عن بعد
من أهم سلبيات التعليم عن بعد العزلة فالطلاب يكونون بعيدين عن مدرسيهم,ليس لديهم مصدر مباشر للمساعده سوى الحقائق الموضوعية المجرد الكامنة في المواد المطبوعة, كما أنه يشجع على الحفظ الغيبي في التعلم ويعتمد عليه, فالطالب الذي يحفظ تتاح له فرص النجاح كما أن مشكلة الملل الناتج عن الحفظ الغيبي قد تؤدي إلى حصول معدلات عالية من الانسحاب عن التعليم. فسلبيات التعليم عن بعد لا تنحصر في ما ذكر فقط ولكن يتمثل فيما يلي:
- عدم وجود اتصال مباشر بين كل من الطالب والمدرس أو المحاضر، إلا أنّ بعض المؤسسات التعليمية تُقدّم الدعم الأكاديمي من خلال استخدام البريد الإلكتروني، أو الهاتف، أو المراسلات الفورية.
- عدم وجود تفاعل ما بين الطّلاب، إلا أنّ البعض منهم يكون قادراً على التفاعل عن طريق الإنترنت، أو يكون التفاعل من خلال تشكيل مجموعات دراسية خاصة.
- الحاجة إلى قدر كبير من الانضباط الذات، ففي معظم الحالات لا يكون هناك شخص للتأكد من حصول الطلاب على التعليم في الوقت المحدد.
- حاجة المدرسين إلى التدرب على عدة أمور منها، استخدام الإنترنت، بالإضافة للتدرب على استخدام برامج خاصة وذلك لنشر المحاضرات أو عمل الصفحات على الإنترنت، كما أنّ الطالب يحتاج للتدرب على استخدام الإنترنت، واستخدام البرامج التي تساعد على تبادل المعلومات مع المدرسين.
- وجوب توفّر بيئة تكنولوجية تحتية عن طريق الجامعة أو الجهة التي تُقدّم برنامج التعليم عن بعد، وهي من النُظم الغير متوفرة لدى جميع الهيئات التعليمية.
- وجود مشاكل في عرض موجة الإنترنت وسرعته، والتي يتم من خلالها تبادل المعلومات مع مزود الإنترنت، فمن الممكن أن يستخدم الطالب شبكة الإنترنت الخاصة بالهاتف المنزل ولكن سرعتها قليلة, في مقابل أنّ الطالب يحتاج لسرعة أكبر لمشاهدة المحاضرات على شاشة كاملة، ودون حدوث تقطيع بالصورة أو الصوت.
- إمكانية حدوث حالات من غش الطلاب خلال أداء الاختبارات الإلكترونية، فلا يضمن المدرس ما إن كان الطالب هو من قدّم الاختبار أو أحد آخر، إلا أنّ هناك بعض الطُرق لمنع الغش تتمثل في طلب الاسم والرقم السري من الطالب، لأن هذه الأمور غير كافية للحد من هذه الظاهرة.
خلاصة مقارِنة
من هنا يتضح لنا جليا أن ايجابيات وسلبيات التعليم عن بعد متعددة بنوعيها. فإيجابياته تكمن إجمالا في توسيع المعارف لدى المتلقي وزيادة ثقافته في شتى العلوم وتسهليها عليه صغيرا كان أو كبيرا. أما سلبياته فتنحصر جملة كما ذكر سلفا في عزلة الطلاب عن مدرسيهم وعدم مسايرتهم بشكل مباشر في مسارهم التعليمي ومراقبتهم عن قرب, وكذا الاعتماد على الوسائل والمواد التقنية والتي قد لاتتاح لكل الفئات.
لهذا عمل مجموعة من الباحثين على صياغة مقترحات لتطوير التعليم عن بعد. أهمها: محاولة الدمج بين التعليم عن بعد والتعليم التقليدي في المستقبل القريب. وضرورة العنایة بالتعلّم عن بعد بوصفه وسیلة داعمة للتعلّم على مختلف المستویات. وعطفًا على ذلك لا یمكن أن یعدَّ ھذا النوع من التعلیم بدیلاً مكتملًا عن التعلیم التقلیديّ. كما أنّ نجاح التعلّم عن بعد یتطلّب مھارات وإمكانات عالیة على مستوى المنظومة التعلیمیّة كافّة، وعلى مستوى مھارات المعلّم التقنیّة وقدرته على تصمیم التعلّم عن بعد وإدارته والقدرة على توظیف البعد الاجتماعيّ فیه، كما ینبغي الإیمان بأنّ الحلول الطارئة التي عولج تعلیق الدراسة بھا لا تمثّل بمجملھا تعلّمًا عن بعد محقّقًا لمواصفات التصمیم والتنفیذ المثلى؛ لما یتطلّبه ذلك من خطوات علمیّة متسلسلة لتحقیق التصمیم التعلیميّ الجید، كما یتطلب عددًا من المقوّمات لتنفیذه. وأيضا تعديل دور المعلمين والمتعلمين على حد سواء ,وزيادة الإنفاق والاستثمار في الموارد التقنية والالكترونية …
دور المعلم في التعليم عن بعد
إن الاستخدام الواسع للتكنولوجيا وشبكة الإنترنت العالمية أدى إلى تطورمذهل وسريع في العملية التعليمية. كما أثر في طريقة أداء المعلم والمتعلم، من خلال صنع طريقة جديدة في التعليم وهي التعليم عن بعد. وتتطلب هذه الطريقة من المعلم أن يمارس دورا مختلفا عن الدور التقليدي المحصور في كونه محددا للمادة الدراسية، شارحا للمعلومات، منقيا للوسائل التعليمية، متخذا للقرارات التربوية، وواضعا للاختبارات التقويمية، فأصبح دوره يرتكز على تخطيط العملية التعليمية وتصميمها وإعدادها. علاوة على كونه مشرفا ومديرا وموجها ومرشدا ومقيما لها. حيث أن المعلم هنا يحاول أن يساعد المتعلمين ليكونوا معتمدين على أنفسهم، نشطين، مبتكرين وصانعي مناقشات ومتعلمين ذاتيين بدل أن يكونوا مستقبلي معلومات، فهي بذلك تحقق نظريات التعلم الحديثة المعتمدة والمرتكزة على المتعلم حيث تحقق أسلوب التعلم الذاتي له.
المصادر والمراجع المعتمدة في المقال
- التعليم عن بعد مفهومه,وأدواته واستراتيجياته.دليل لصانعي السياسات في التعليم الأكاديمي والمهني والتقني , مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية
- التعليم عن بعد والتعليم المفتوح .الدكتور طارق عبد الرؤوف عامر
- هل غير التعلم الإلكتروني دور المعلم و المتعلم ؟ قدور نويبات,ووردة بلحسيني
- التعليم عن بعد , الدكتور جلال إيسا ,المملكة السعودية جامعة بيشة